تعويم الجنيه المصرى.. هل هو كارثة أم ضرورة؟

هل تعويم الجنيه كارثة أم لا ضرورة؟

دعونا نتحدث بالعامية المصرية في هذا الموضوع الذي يشغل بال الكثير من
متابعي الأحداث المصرية وخاصة بعد ارتفاع سعر الدولار اليوم في مصر، شعر
الجميع بالقلق خوفاً من تعويم الجنيه، قد تكون غير مصري إذا لم تشعر بالخوف
والقلق والإنتقاد للقرارات التي أصدرها البنك المركزي اليوم الخميس.

تعويم الجنية المصرى.. هل هو كارثة ولا ضرورة؟

القرارات اللي أصدرها البنك المركزي اليوم

1- إطلاق سعر صرف الجنيه أمام الدولار ليتحدد سعره حسب العرض والطلب (تعويم
الجنيه).

2- رفع سعر الفائدة على الودائع والقروض بنسبة 2%.

3- إلغاء القرارات التي صدرت والخاصة بالإعتمادات المستندية للإستيراد
بنهاية العام.

طيب ده حلو ولا وحش؟ حسب فهمي المتواضع جدا في المجال الإقتصادي، تعالوا
نتوقع الإيجابيات والسلبيات من وراء قرار تعويم الجنية المصري.


إيجابيات تعويم الجنيه المصري

1- الحصول على قرض الصندوق وقروض أخرى من دول مانحة تصل ل 9 مليار
دولار.

2- توفير الدولار في الأسواق وإطلاق الحرية في التعامل به للمستوردين
والمتعاملين مع الخارج.

3- تشجيع المستثمرين لدخول السوق المصري بقوة بسبب توحيد سعر الدولار
وإمكانية تحويله للخارج بدون معوقات.

4- (المفروض) يزداد أعداد السائحين بسبب إنخفاض الجنيه المصري فبالنسبة لهم
مصر بلد رخيصة (كأسعار طبعا) ويتشجعوا أكثر للحضور ويمكن شراء عقارات
كمان.

5- تحويلات المصريين في الخارج من المفترض إنها تزداد لأن العشر الاف ريال
أو درهم اللي كان المغترب بيحولهم زادت قيمتهم جدا.

6- إيراد قناة السويس سيساوي مبلغ أكثر يمكن تحويل جزء منه بالجنيه ليعوض
عجز الموازنة الداخلية.

7- أسعار تصدير الغاز المصري ستدر دخلا أكبر.

8- المفروض تحصل زيادة في التصدير لأن السلعة المصرية قيمتها بالدولار
نقصت.

سلبيات تعويم الجنية المصرى

1- كل شيء تقريبا سيرتفع سعره لمدة شهور الى أن يستقر.

2- سداد ديون مصر الخارجية سيزداد صعوبة.

3- السفر للخارج سيكون أصعب بكثير مما سبق.

4- لو حدث أي إضطراب في استقرار مصر (لا قدر الله) قد يصبح الجنيه زي الليرة
اللبنانية ويهوي الى مستويات مخيفة.

لكن سيبكم من إيجابياتي وسلبياتي اللي قد تكون غير دقيقة، المشكلة في تغيير
بعض العادات الأخرى والتي تؤثر مباشرة على نمو وازدهار السوق ومنها على سبيل
المثال لا الحصر:

1- البروقراطية العقيمة وتعقيد الأمور أمام أي مستثمر أجنبي.

2- إنعدام ثقافة التعامل مع الأجانب ومحاولة تقليبهم في التاكسي والبازار
والفنادق مما يدفعهم لعدم العودة ونصح أصدقائهم بعدم المغامرة بزيارة
مصر.

3- منافسة الدولة للقطاع الخاص في المشاريع التجارية والعمرانية مما يجعل
المستثمرين داخلياً
 وخارجياً لا يستطيعون دخول السوق والمنافسة بعدالة.

4- ضعف قدرة الإنترنت ووسائل الإتصال التي أصبحت عامل أساسي في إجتذاب
المستصمرين الأجانب.

5- عدم تنظيم وإصلاح كل من مطارات مصر وطائرات مصر للطيران التي تكون أول ما
يراه السائح او المستثمر عن مصر.

6- إنعدام الرقابة على الأسواق مما يشجع بعض التجار الجشعين من إستغلال
المواطنين.

يحضرني نموذج تركيا، عملتهم في الأرض وخسرت حوالي نصف قيمتها في سنتين،
والتضخم عندهم وصل فوق ال 70%، لكن بيجتذبوا استثمارات وسياحة تعوضهم عن
المشكلتين اللي ذكرتهم في البداية، أو أنظروا للمغرب التي هي بلد صغير محدود
المساحة والموارد والتي أصبحت قبلة صناعة السيارات والأفلام العالمية، لأنهم
تفادوا العادات السيئة والبيروقراطية الموجودة في مصر.

التعويم الحر للجنيه المصرى 

بعد اعادة فتح خدمة الاعتمادات البنكية فى مصر، سوق الصرف الرسمى بدء فى
رحلة ارتفاع جديدة أمام العملات الاجنبية، وما تم اتخاذه من قبل المركزى
والحكومة المصرية من خطوات ستثبت الايام انها بداية تعويم حر للعملة وهي
سابقة فى الاسواق العربية الشرق الاوسطية لم تحدث من قبل على حد علمى.

الخطوات بدأت بتقييد عرض النقود فى السوق المصرى وتبعها اتخاذ المركزي خطوات
لاستحداث عقود اجلة للعملة وايضا عقود تحوط وهذا من شأنه على المدى المتوسط
والطويل الاجل حماية العملة من التقلبات الحادة فى سعر الصرف مما يؤدي الي
استقرار سعر الصرف دون الحاجة للتدخل من المركزى لاستخدام الاحتياطيات
الاجنبية من العملة للدفاع عن سعر صرف الجنية المصرى.

هل تكفي هذه الاجراءات لعلاج هيكلي طويل الاجل للاقتصاد المصرى؟ على المدى
القصير سوف يرتفع سعر الصرف ليصل لمستويات قياسية ولكن على المدى المتوسط
سينحصر هذا الارتفاع وهو نفس ما حدث عند التعويم المقيد سنة 2016 عندما ارتفع
سعر الدولار ليصل الى قرابة ال 19 جنيه لكل دولار امريكي ويستقر لاحقا عند
مستوى ال 15.7 جنية لكل دولار امريكي.

على المدى المتوسط والطويل، يجب تشجيع الاستثمار فى الصناعة وخاصة التصدير
وذلك لان من شأنه تقليص العجز فى الميزان التجاري وهو اصل مشكلة اسعار العملة
فى مصر.

علما ان تصدير العقار ليس من الميزات التنافسية للاقتصاد المصري على الاقل
فى الوقت الراهن، ودائما الاعتماد علي قطاع السياحة فى العملة يكون رهن
الاستقرار الامنى وعوامل كثيرة اخرى، ولذلك الصناعة ذات القيمة المضافة
المرتفعة هو المجال الوحيد لاعادة هيكلة الاقتصاد المصرى فى العقود
القادمة.

Scroll to Top