تذاكر ممشى أهل مصر.. فين الحق في المساحات العامة المجانية؟

نقاش موضوع حول مشروع وتذاكر ممشى أهل مصر

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صور لتذكرة ممشى أهل مصر بـ 20 جنيه، التذكرة أثارت الجدل وبالأخص لأنه المشروع كان بيتم الترويج له أنه هيبقى مساحة عامة مجانية على كورنيش النيل من حلوان وحتى شبرا.

سعر تذكرة ممشي أهل مصر

الغريب أيضا في القصة أنه شركة كونسل ماسترز وهي شركة قطاع خاص تمتلك 60% من حق إدارة ممشى اهل مصر فيه مصدر شغال فيها قال لموقع حصري شو أن الحكومة هي من أصرت على وضع سعر لتذكرة ممشي أهل مصر رغم أنه الشركة نفسها اعترضت!

مصدر مقرب من وزارة الإسكان قال لموقع حصري شو أن الحكومة عملت كده خوفا من التخريب اللي بيحصل في الممشى، وكانت الفكرة أنه لو المواطن دفع فلوس مش هيخرب في الممشى، والحقيقة إحنا مش عارفين إيه الرابط بين دفع 20 جنيه وبين التخريب.



ايه قصة ممشي أهل مصر؟

إزاي ممكن نشوف المحاولات المستمرة لمنع الترفيه الممكن عن الفقراء في البلد؟

هل الفقراء لهم حق في المساحات العامة؟

والأهم هل من حق الحكومة تفرض رسوم في مشروع تم تمويله من المال العام؟ ده اللي هنناقشه معاكم النهارده.

شاهد أيضاً← “نقاش موضوعي”..
كيف نتعامل مع حالات انتحار الشباب والمراهقين

مشروع ممشي أهل مصر

المفروض أنه المرحلة الأولى من الممشى بس هي اللي تم افتتاحها في نوفمبر 2021 وكانت ببلاش لحد لما أعلنت الشركة اللي بتدير الممشى أنها هتعمل تذكرة دخول بـ 20 جنيه للجزء السفلي اللي فيه المطاعم، في حين الممشى من فوق هيبقى مجاني.

مشروع ممشى أهل مصر تم البدء فيه من 2019، والمفترض أنه المرحلة الأولى اللي تم افتتاحها دي تكلفت حوالي 750 مليون جنيه بحسب تصريحات المسئولين، المرحلة دي طولها تقريبا طولها حوالي 1.8 كم.

وهي من كوبري إمبابة وحتى كوبري 15 مايو، بمتوسط عرض للممشى العلوى 4.5 م، ومتوسط عرض للممشى السفلى 6.5 متر.

ومن المفترض أنه فيها 5 مطاعم، و5 كافيتريات، و56 محلا تجاريا، و3 جراجات بسعة إجمالية 180 سيارة، والمفروض الجراجات دي بفلوس يعني لوحدها غير تذكرة الدخول اللي بقت موجودة دلوقتي.

فيما يتعلق بالتخريب، بحسب المصدر اللي اتكلم مع حصري شو من شركة كونسل ماسترز اللي بتمتلك 60% من حق إدارة المكان، الشركة كانت شايفة ببساطة أنه اللي عايز يخرب هيخرب وبالتالي مفيش منطق من فرض رسوم على الدخول للجزء السفلي من الممشى، وأكيد فيه طرق تانية لمنع التخريب غير فرض الرسوم دي.

الحقيقة ده شيء منطقي من الشركة اللي أجرت لعلامات تجارية ومطاعم في الممشى ويهمها أنه يكون في زبون دائم ممكن يشتري من المطاعم دي، وبالتالي المحلات تكمل وتقدر تدفع الإيجار وتتوسع وتاخد مساحات تانية في المراحل الجديدة من المشروع.

لكن الحكومة أصرت على الموضوع، وكحل وسط الشركة اللي هي كونسل ماسترز وسيتي إيدج المملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية اتفقوا على تطبيق تسعيرة دخول للجزء السفلي من الممشى.

تكاليف مشروع ممشي أهل مصر

الحقيقة ده هو السؤال المهم، يعني حتى لو اعتبرنا أنه القرار جه عشان تقليل تكاليف الصيانة اللي بحسب أحد المصادر كانت مليون و200 ألف الشهر اللي فات.

ولو حتى صدقنا القصة بتاعة أنه الدخول ببلاش بيخلي الناس تكسر في الحاجات، واللي هي فكرة غير منطقية، ممكن ببساطة الحاجات تكون بتتكسر لأنه المشروع عليه إقبال، أو مليون سبب تاني غير إن الدخول مجاني.

مساحة ممشي اهل مصر

إحنا بنتكلم في 1.8 كيلو متر، سعتهم الإجمالية ممكن توصل بحسب تصريحات سابقة لحوالي 10 آلاف مواطن في نفس الوقت، وبالطبع السعة دي أكبر بكثير في الأعياد وحتى في عطلات نهاية الأسبوع، يعني بالتأكيد في أكثر من 10 آلاف مواطن مصري في محيط إمبابة وروض الفرج بس ممكن يكونوا عايزين يتفسحوا في المكان ده في يوم جمعة، لأنه مفيش أماكن تانية كويسة في القاهرة بتقدم القعدة على النيل ببلاش.

ببساطة يعني المشروع ده كان معمول من الأول عشان كده، وعشان كده الإعلام كان بيقول ده هدية الرئيس لأهل مصر، وسموه حتى ممشى “أهل مصر”، بكل ما تحمله كلمة “أهل مصر” دي من حمولة لغوية وأيدلوجية، أهل مصر يعني أهل مصر الغلابة وعشان كده المشروع ببلاش.

التفكير بقى المتعلق بأنه الناس بتخرب وتكلفة الصيانة مرتفعة وعشان كده هنعمل تذاكر هو الحقيقة تفكير قاصر لأنه حرفيا عشان واحد ارتكب شيء غلط أنه كتب اسمه على بوابة أو كسر قزاز فالحكومة قررت تعمل عقاب جماعي للكل وتدفع الجميع 20 جنيه.

سعر تذكرة ممشي أهل مصر

يعني لك أن تتخيل أنه لو أسرة من 5 أفراد عايزة تتمشى تحت جنب النيل في الممشى السفلي فهي مضطرة تدفع 100 جنيه، يعني لو راحوا مرتين في الشهر يبقي 200 جنيه بدون ما يعملوا أي حاجة مجرد بس يتمشوا، لا أكل ولا شرب ولا أي حاجة.

كذلك الربط بين دفع الفلوس والحفاظ على الحاجة ملوش منطق، لأنه موجود في أماكن تانية وبيحصل فيها تكسير عن قصد أو عن غير قصد عادي، في النهاية دي طبيعة الأماكن العامة الرخيصة أنه يكون ليها تكلفة صيانة كبيرة لأنه عدد المترددين عليها كبير وبالتالي احتمالات التلف أعلى، وليها حلول تانية كتير بس الحكومة مش عارفين ليه قررت تاخد الخيار الأسهل.

شاهد أيضاً← رأي
المعلق عصام الشوالي في إقامة كاس العالم كل عامين

بالتالي في ممشى أهل مصر أو في غيره من المساحات الخضراء مينفعش يكون الهدف بس هو أنه الحكومة تبني وتأجر والشركات تكسب، لازم يكون في هدف اجتماعي لأنه ده هو الأهم والأكثر استدامة للناس.

في حالة الممشى ده مثلا يعني لو افترضنا بالأرقام الحالية أنه تكلفة الصيانة هتبقى في حدود 12-15 مليون جنيه في السنة زي ما الحكومة قالت، إيه المشكلة؟ إيه الأزمة يعني في أنه الحكومة تصرف 15 مليون جنيه في السنة على صيانة مرفق عام زي ده؟

إيه المشكلة لما يكون في 3 مراحل للمشروع أننا نصرف 50 مليون جنيه سنويا على الصيانة؟ في النهاية المحلات المتأجرة دي بتجيب إيرادات بالتأكيد كبيرة، ودي مش دعوة للتخريب أكيد، لكن زي ما قولنا معروف طبيعة المرافق اللي من النوع دا.

بالإضافة لأنه حتى لو المحلات مش بتجيب إيجارات خالص، إيه المشكلة أننا نصرف 15 مليون جنيه في السنة على صيانة مرفق بيخدم المصريين في القاهرة ومتنفس مهم ليهم، إحنا بنصرف مليارات حرفيا على مشروعات تانية والمصريين بيدفعوا مليارات ضرائب كل سنة على دخولهم وعلى السلع بشكل مباشر عن طريق القيمة المضافة.

إيه الحاجة الملحة في أننا ناخد 20 جنيه من كل واحد داخل المكان؟ يعني حتى لو افترضنا أنه يوميا الممشى ده ممكن يدخله 10 ألاف مواطن، يعني 200 ألف جنيه في اليوم يعني 6 مليون في الشهر أو 36 مليون من التذاكر في السنة، ايه يعني المشكلة أنه حتى الدولة تصرف الفلوس دي أو جزء منها من الموازنة.

كل المال ده مال عام، والأهم أنه النهر ده نفسه نهر للمصريين كلهم، وكل السنين اللي فاتت دي كانوا محرومين من التمتع به، لأنه كان بيتأجر كمساحات خاصة لمطاعم وكافيهات غالية جدا على أغلب المصريين.

القاهرة مدينة شديدة الفقر في المساحات العامة والخضراء، متوسط نصيب المواطن في القاهرة من المساحات الخضراء حوالي 0.8 متر مربع للفرد، في حين أنه دول قريبة مننا ومش دول متقدمة ولا حاجة نصيب الفرد فيها أعلى بكثير.

مدينة الدار البيضاء في المغرب مثلا نصيب الفرد فيها حوالي 55 متر مربع للفرد، أديس أبابا في اثيوبيا حوالي 36 متر مربع للفرد، مومباي في الهند متوسط نصيب الفرد فيها من المساحات الخضراء حوالي 6.6 متر مربع للفرد، والمتوسط العالمي حوالي 4 متر مربع للفرد.

لو فكرنا مثلا دلوقتي مش هتلاقي غير عدد حدائق محدود جدا في القاهرة يمكن أشهرهم هي حديقة الأزهر اللي بالمناسبة برضه رسوم دخولها زادت السنين اللي فاتت وبقت 20 جنيه.

المساحات العامة والخضراء ليها تأثيرات مهمة مثبتة في دراسات علمية على صحة المواطنين النفسية، منظمة الصحة العالمية بتصف إمكانية الوصول للمساحات الخضراء على أنه شيء ضروري للصحة العامة.

بالتالي مفيش منطق من محاولة الفلترة وفصل الناس اللي معاه فلوس ينزل يتمشى تحت على النيل واللي مش معاه يخليه فوق، وبالأخص أنه الشركة القطاع الخاص اللي بتدير 60% من المكان بتقولك لا متحطش تذاكر!

شاهد أيضاً← قصة
نجاح أمة عظيمة.. ألمانيا من حطام دولة إلي أكثر دول العالم تقدماً

كان ممكن تزود أمن بزي مدني في المكان يحاول يقلل من أي تلفيات، ويكون العقاب موجه لصاحب فعل التخريب نفسه، مش العقاب الجماعي للمصريين كلهم الحاصل دا.

الحقيقة كل القصة دي بتقول كثير عن طريقة إدارة المساحات العامة في مصر، واللي بتخضع لهوى المسئول الفلاني، لأنه ببساطة مفيش أدوار للمحليات اللي مش موجودة واللي في كل حته في العالم بتكون هي اللي بتدير المساحات اللي زي دي وبيكون هدفها عشان يتم إعادة انتخابها تاني هو أنه المواطن يكون مبسوط وعنده نفاذ وإتاحة لخدمات كثير.

إحنا بندفع ضرائب عشان نلاقي خدمات ومساحات خضراء ومساحات على النيل، مينفعش ندفع ضرائب وتقولي لا لازم تدفع تذكرة في مشروع عاملينه من المال العام ومعمول على أرض النيل اللي هي أرض عامة.

كل دا بيرجع يفكرنا بدور المحليات الغائب تماما، المفروض أصلا تبقى حاجة زي دي تحت إشراف المحليات اللي بتقرر مع الناس إيه يحصل في المتنزهات والمساحات الخضراء والشواطئ وغيرها وغيرها.

مينفعش في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة دي نضغط على الطبقات الأفقر ونسد في وشهم أي متنفس لأن دا حتى له تأثير اجتماعي والمسألة مش مسألة فلوس وبس، لذلك بنشوف خطورة كبيرة في سياسات الحكومة في التعامل مع الشواطئ العامة والجناين والمتنزهات بالمنطق الربحي فقط.

Scroll to Top