في حدث غير متوقع بالمرة، أعلن الرئيس الروسي بوتين في الساعات الأولي من صباح يوم الخميس تحرك القوات الروسية تجاه الأراضي الأوكرانية بهدف حماية مصالح الدولة الروسية كما قال الرئيس الروسي بوتين.
وتحت مظلة طلب تقدم به قادة إقليم دونباس الواقع شرق الأراضي الأوكرانية، والذي أعلنت موسكو قبل أيام الاعتراف باستقلال جمهوريتيه دونتسك ولوجانسك، لحماية سكان الإقليم، فما الذى حدث بعد ذلك ؟ ولماذا أقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علي الدفع بالقوات الروسية للغزو الأوكراني؟
ويأتى التحرك الروسي الأخير بعد عدة أسابيع كانت حافلة بالأحداث العصيبة والتوترات المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وحلف الناتو من جهة، وروسيا وحلفائها كالصين والهند وإيران من جهة أخرى.
ما آدي فى نهاية المطاف إلى إعلان عقوبات جماعية من الدول الأوروبية كألمانيا وإنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية بحق المسئولين والمؤسسات والهيئات الروسية، مع وعود بدفعة جديدة من العقوبات بعد التحرك الروسي الأخير.
ما الذي تريده روسيا ؟
دعونا نتحدث منذ البداية ما الذي أدي إلي حدوث الأزمة الروسية الأوكرانية؟
منذ قرابة شهرين بعد قرار أوكرانيا الانضمام لحلف الناتو، وهى الخطوة التى قد تؤدى بالفعل حال اتمامها بإمكانية وجود انتشار عسكري غربى على الحدود الروسية، ما اعتبرته روسيا ورئيسها بوتين بطبيعة الحال تهديداً للأمن القومى لروسيا.
روسيا أرادت تعهدًا ملزمًا قانونياً بأن حلف الناتو لن يتوسع أكثر، وهو ما عبر عنه نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف حيث قال في تصريحات سابقة: “بالنسبة إلينا، من الإلزامي تمامًا التأكد من أن أوكرانيا لن تصبح أبدًا عضوًا في حلف الناتو”.
كما أضاف الرئيس الروسي بوتين من أن روسيا “ليس لديها مكان آخر تتراجع إليه”، وقال: “هل يعتقدون أننا سنبقى مكتوفي الأيدى؟”.
وقعت روسيا اتفاقية لاحترام استقلال وسيادة أوكرانيا المستقلة كان ذلك في عام 1994.
لكن في عام 2021 كتب الرئيس الروسي بوتين مقالاً طويلاً يصف فيه الروس والأوكرانيين بأنهم “أمة واحدة”، لكن الآن تغيرت الأراء وقال أن أوكرانيا الحديثة هى من صنع روسيا الشيوعية بالكامل، وهو يرى انهيار الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991 على أنه “تفكك لروسيا التاريخية”.
كما أضاف الرئيس الروسي بوتين بأنه إذا انضمت أوكرانيا إلى حلف الناتو، فقد يحاول الحلف استعادة شبه جزيرة القرم.
ما هى أدوات الضغط الموجودة لدي روسيا؟
تمتلك روسيا أدوات ضغط تمكنها بشكل واضح من حسم تلك الأزمة منذ بدايتها لصالحها، فعلي مدار عدة سنوات قدمت الحكومة الروسية دعماً ومساعدات للانفصاليين الأوكرانيين في الشرق الأوكراني وسكان إقليم دونباس الذي يتحدث غالبية سكانه اللغة الروسية.
كما أن إقليم دونباس أيضاً يحمل 720 ألف مواطناً داخل الإقليم جواز سفر روسي، من أصل قرابة 3.5 مليون نسمة هى تعداد من يقطنون تلك المساحة القريبة من الحدود الروسية.
الانحياز الواضح لسكان إقليم دونباس للإدارة الروسية والرئيس الروسي بوتين ظهر واضحا منتصف الأسبوع الماضي.
وبعد أقل من 24 ساعة من إعلان روسيا اعترافها بجمهوريتي دونتسك ولوجانسك الواقعتان في الإقليم، صادق برلمان الجمهورتين في صباح اليوم التالي علي اتفاقية صداقة، جعلت بموجبها أي تحرك عسكري من دولة روسيا داخل دولة أوكرانيا محمياً بغطاء سياسى.
ما الذى تملكه أمريكا والغرب من أدوات الضغط ؟
الأجابة الأولي، وربما الوحيدة هي العقوبات الإقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية علي دولة روسيا ورئيسها بوتين.
وهو بالفعل ما أقدمت عليه الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي خلال اليومين الماضيين، وتعهدت بإعلان حزمة جديدة من العقوبات صباح اليوم الخميس.
لكن هل هناك عقوبات أخري قد تصدرها الولايات المتحدة أو دول الغرب علي روسيا، نعم بخلاف ورقة العقوبات يمتلك الغرب ورقة ضغط أخري، لكنه سيدفع ثمنها غاليا، وهي خط الغاز الذي يربط روسيا بألمانيا ومن ألمانيا إلى القارة الأوروبية بأكملها ” نورد ستريم 2 “.
ولكن الفاتورة الاقتصادية التي ستتكبدها روسيا من إيقاف المشروع، سيقابلها بما لا يدع مجال للشك أزمة طاقة في القارة الأوروبية بأكملها.
